صغيري


"صغيري"
جلستْ تبكي بحزن حين رأها شعر بالحزن ايضًا لكّنه خرج ليلعب فلم يكن يهمه سوي اللعب لا يمكننا لومه لأنه مازال صغيرًا ولكن كان لها رأيًا اخر!
..............
منذ اثني عشر عامًا..
كانت تقف في نافذة غرفتها تفكر، هي تريد صبيا جميلا؛ لتربيه علي الطاعه،علي حب الله ورسوله،تريده أن يحفظ كتاب الله،تريد أن تحميه من فتن هذا الزمان،لا تريده أن يلهو ويلعب، 
أن يُشْغل بمتاع الدنيا ثم شردتْ قليلًا،هي أيضًا تريده أن يكون فاتحُ الأقصى،محرر فلسطين، تريده أن يكون فارسًا كصلاح الدين الذي فتح الاقصي،وكعمر الذي حرره،تريده الَّا يفكر سوي في الاخره تريده أن يكون ثابتًا في هذا الزمان الذي تشتد فيه العواصف والفتن..
-عوده-
افاقت من ذكرياتها،لكنه الان يريد اللعب لا يريد الحفظ يريد اللهو فقط لو تحقق ما كانت تصبو إليه لكن رغبتها في أن تجعلُه كما تريد فاقت رغبته على ما يريد هو.
       ..............
"صلاح" استغرقت تلبيته لندائها زمنًا لكنَّها كانت صابره..
-نعم امي "هكذا اجابها وهو غاضب"
="صلاح"هل تعلم لم اسميتك هذا الاسم؟
استعد ليغادر وهو يتكلم بعصبيه:لا يا أمي ولا أريد أن أعرف.
أمسكت أمه يده برفق والدموع تترقرق من عينيها:انتظر ي صغيري دعني أحكي لك عن صلاح الدين 
=من هو يا أمي؟! أنا أريد أن العب· 
اجلست الأم صغيرها بحنان وبدأت تحكي له عن البطل المقدام فاتح الأقصي"صلاح الدين"·
هو يوسف بن ايوب،لُقِّبَ بصلاح الدين الايوبي،ولد سنه532 هہ‏‏ بقلعة تكريت بالعراق عُرِف عنه الشهامه،والكرم،والسماحه،بطل موقعة حطين،حكَم مصر وبلاد الشام،حرر القدس من الصليبين وفتح القدس بيت المسلمين،قيل عنه"ملك بلا خوف ولا ملامه علم خصومه طريق الفروسيه الحق" ·
لقد اتّصَف بالفروسيه،والنزاهه حمل علي عاتقه أمانه نشْر الإسلام وتحرير القدس،حرر القدس للمسلمين ولكنّه أُُسِر من إسرائيل وينادي للبطل الذي سيأتي إليه منتصرًا،البطل الذي سينصر الحق ويهزم الباطل،البطل الذي سيحرر القدس للمسلميين؛لنصلي فيه من جديد.
قام صلاح من مكانه:حسنًا يا أمي علمت هل يمكن أن تتركيني ألعب؟
غضبت الأم وخانتها دموعها ونزلت على وجنتيها:متى ستهتم؟متى ستدرك أهمية ما أُحدثُك عنه؟ هيا أُغرب عن وجهي،هيّا... إذهب.
غضب صلاح وصاح في وجه أمه:سأذهب سأذهب ولن تري وجهي بعد الآن سوف أُريحك مني
ثم خرج من البيت مسرعًا وظلّ يجري دون أن يعلم أين سيذهب.
............
- تسريع الاحداث -
بعد خمسِ ساعات..
خرجت الأم من بيتها تبحث عن صغيرها بعدما أدركت أنه ليس في البيت ثم تذكرته وهو يخبرها أنها لن ترى وجهه مجددًا وظلّت تبكي.
..............
أما صلاح ذلك الولد الشقي فقد ظلّ  يجري دون أن يدري إلى أين يذهب ثم توقف وقد رأى قريه على بُعْدِ خطواتٍ منه قرر أن يذهب إليها.
وصل إلى تلك القريه واستند إلى جدارٍ قريبٍ منه ليستريح ولكن التعب كان قد تمكن منه فنام.
.............
تسللت أشعة الشمس إلى وجه صلاح فاستيقظ وبدأ يتذكر ما حدث،تسلل الخوف والحزن إلى ملامح وجهه فوجد من يُمسك بكتفيه ويقول بتساءل:أنتَ لست من هذه القرية يا بني،من أين أنت؟
-أجل،لكن كيف عرفت.
=ابتسم العجوز بهدوء وعقد يده خلف ظهره: من ملابسك،ملابسك تختلف عن ملابس هذه القريه.
-أجل،لقد جئت من قريةٍ مجاوره.
=تابع العجوز بنفس الهدوء:وما السبب؟
-أخفض رأسه بأسى وقال بصوتٍ خافت:تشاجرتُ مع أمي.
-ما رأيك أن تستريح قليلًا ثم تقص لي ما حدث؟تعال ها هنا منزلي.
=حسنًا.
............
ذهب الصغير إلى المنزل مع العجوز وبعد أن تناول بعض الطعام واستردّ بعض عافيته بدأ في سرد ما حدث مع أمه.
-وهكذا خرجتُ من البيت وأنا أظنّ أني أُعاقبها لأنها صرخت في وجهي.
=العجوز بغموض وابتسامه هادئه:لقد عاقبتها بالفعل!،وحرقت قلبها أيضًا،هل هذا يرضيك؟
-صلاح بغضب:أتبتسم؟!لا يرضيني بالطبع،لم أقصد أن أفعل ذلك ولم أقصد أن أرمي بنفسي إلى قريتك هذه والتقي شخصًا أحمقًا مثلك.
=لدي فكره،ما رأيك أن تلتحق بكُتّاب القريه.
-موافق.
=هناكَ شيئًا آخر..
-تكلم.
=هذه القرية تتعرض لحروب كثيره لذا جميع الشباب هنا يخضعوا للتدريبات القاسيه للدفاع عن القريه وعليكَ أن تلتحق بها انتَ أيضًا.
-صلاح بحماس: موافق،موافق،ومن المسؤول عن تدريبنا.
العجوز بهدوء:انا يا فتى.
=انطفأت حماسة صلاح وقال بصوتٍ خافت:لنرى ماذا ستفعل.
-اذن هيّا لأوريك منزلي.
=هيا.
*بعد خمسِ سنوات.*
بعد خمس سنوات امضاها في التدريب الشاق للدفاع عن تلك القريه اشتاق لأمه ولحضنها الدافئ،تمنى لو يعود إليها ليرضيها ويجعلها تسامحه،ولم يعلم أن أمه هناك تلتقط آخر أنفاسها..
صوت ذاك العجوز التي اعتاد عليه يناديهم للمرة المئه لصد هجوم بعض الأعداء عن القريه الذين غالبًا ما يكونون بعض قطاع الطرق الضعفاء!
جلس قرب شجرةٍ يتنهد فاقترب العجوز منه قائلًا:أتود رؤية أمك؟
صلاح بحزن:بالتأكيد،أود أن أجعلها تسامحني وحسب وتضمني إلى حضنها مرة أخرى.
=إذن هيّا لتذهب يا بني.
-أحقًا ما تقول يا رجل.
=لقد أبليت بلاءً حسنًا ودافعت عن القريه حان الوقت لتدافع عن قريتك وترى أمك،لقد جهزت لكَ حصانًا قويًا يحتمل مدة سفرك.
عانقه صلاح فرحًا:شكرًا لك لن أنسى هذا الجميل الذي صنعته من أجلي.
امتطى صلاح حصانه ذو الشعر الذهبي الذي يشبه شعاع الشمس واتجه نحو قريته ينشد رؤية أمه من جديد.
--------------
*بعد يومين.*
استغرق سفر صلاح إلى قريته يومان أمضاهما بين نهارٍ حار وليلةٍ بارده،وصل إلى القريه كان كل شيء كما كان الناس،الأحصنه،الأكواخ،دخل ونظرات الدهشه والتعجب يلاحقانه أينما ذهب وهو مندهش.
جرى نحوه رجل في الأربعين وظلّ يلتقط أنفاسه ثم قال بصعوبه:صلاح اما زلت حيًا؟!
-ماذا تقول يا رجل،انا هنا أمامك!
=إذن أدرك أمك إنها تلتقط آخر أنفاسها.
-أمي!
جرى صلاح نحو كوخ أمه ودخل وتوجه إلى أمه التي كانت وكأنها كانت تصارع المرض من أجله وعندما رأته استسلمت وقال لها بالحزن والدموع تفيض من عينها:أمي،لا ترحلي،وأمسك بيدها ها أنا قد عدت من جديد،ها أنا أطلب رضاكِ.
التفت أمه التي أصبحت عجوزًا تصارع الموت من أجل ابنها:لقد انتهت رسالتي يا بني وحان الوقت لأذهب،انا راضية عنك يا ولدي.
ابتسم الابن ومسح دموعه ففهمت الأم انه قد وعى هدفه في تلك الحياه وانه اصبح شابًا واعيًا فقالت آخر كلماتها:عدني يا بني أن تدافع عن دينك وان تكون قائدًا مسلمًا ثم همست في أذنه بحنان إني نذرتك فاتحًا للقدس ومحررًا لفلسطين فلا تخيب أملي.

-كاتبة المستقبل-

ك/مريم محمد.
الكاتبة رويدا محمد

ك_ رويدا محمد بدأت في مجال الكتابة سنة ٢٠٢١م حصلت على العضوية مِن مؤسسة هيباتيا للثقافة والفنون الأمين العام “أحمد الشريف” وهذهِ المؤسسة نسبة إلى هيباتيا السكندرية ‏وهي فيلسوفة تخصصت في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، عضو بالمجلس القومي للشباب، مُصصحة ومدققة، عضو بمجلة إيفرست، وعضو بجريدة سكن، وجريدة أماليا التي كانت بداية لها، مصححة، مدربة كورسات، نائب عام للتعاقدات، ليدر في عدة كيانات؛ فنحن لسنا مجرد فريق عمل يعمل لأجل مبتغاه، بل نحن أسرة نعمل لأجل إقامة الموهبة وإقامة كل شخص يريد أن يكون جزءًا منه، نكون لأننا جميعًا وليس لأجل الواحد منا وحده.

1 تعليقات

أحدث أقدم